قنابل قصة قصيرة.. بقلم / صفاء العجماوى






تقدمت بخطوات رشيقة ثابتة و ملابس انيقة الى امانات هذا المول الضخم و قالت برقة للموظف المسئول انها تريد ترك حقيبة مشترواتها التى قدمت بها قبل دخولها للمول , ابتسم لها الموظف و اخذ منها الحقيبة و اعطاها رقما , فنظرت له برقة و منحته ابتسامة عذبة ثم دخلت المول برشاقة تشاهد المعروضات و فجأة دوى انفجار رهيب فى امانات المول و اندلع حريق و حدذ هرج و مرج ثم اقبلت سيارات الاطفاء و الاسعاف و لم يلاحظ احد خروجها من البوابة الخلفية بسرعة و على شفتيها ابتسامة ظفر. -" هل يمكننى ترك حقيبة سفرى بجوارك فانا لا استطيع اخذها معى فالمكان ضيق فى مركز خدمة العملاء " قالت برقة لمجند الامن الواقف امام احدى السفارات مشيرة بيدها الى مركز عملاء احدى شركات الاتصالات فى الجهة لمقابلة . الجمت رقتها هذا المجند الصعيدى الذى لا يعلم من الدنيا سوى اوامر ضباطه و لكن لهفتها و رقتها جعلته يهز رأسه موافقا فمنحته ابتسامة مشرقة مع همسة شكر اطارت عقله . دخلت بخطوات رشيقة سريعة شأن المتعاملين مع مركز العملاء , و اقبل المجندين الاخرين و عسكرى المرور الى هذا المجند الصعيدى يمازحونه و فجأة دوى انفجار هائل احال المجندين و العسكرى و بعض المارة الى اشلاء و دمر المكان بشكل كبير و كالمعتاد فى هذه الحالات حدث هرج و مرج كبيرين و اقبلت سيارات الاسعاف و الاطفاء و الشرطة اما تلك الفاتنة فقد اختفت دونما ان يشعر بها احد و ابتسامة نظافرة تضئ عينيها . -" سيدتى لا يمكنك دخول البنك بحقائب السفر تلك " قال عسكرى تأمين البنك رسمت على وجهها الحيرة و الحزن و قالت " و ماذا عساى ان افعل ؟ و اين يمكننى ترك حقائبى ؟" اجابها العسكرى بالاسف و قد رق لها " انا اعتذر فالاوامر تحتم ذلك " اخذت دمعتين رقيقتين تهددان بالسقوط من بين اهدابها و عيناها تتوسلان و التى ما ان رأها الضابط المسئول حتى اقبل مسرعا فوجد العسكرى فى حيرة من امره و قال لها برقة " ماذا هناك يا سيدتى ؟" اجابته برقة و دلال " سيدى الضابط حمدا لله , ان هذا العسكرى الامين يخبرنى بعدم استطاعتى دخول البنك بحقائبى و لا ادرى ماذا افعل ؟" ابتسم لها الضابط و قال " يمكنك الدخول بها فهى كثيرة بحيث لا يمكنك تركها بجوار العسكرى و لكنى لاعجب من كثرة حقابك يا سيدتى " ضحكت ضحكة جذابة و قالت " اجل فانا ما ان اغلق حسابى حتى اغادر البلاد و لن اعود " نظر اليها الضابط متظاهرا بالعبوس و سألها " اتهاجرين ؟" اجابته باسف " اجل فابى ارسل الى بعد وفاة امى و يجب ان الحق به " نظر اليها مواسيا و قال " اذا احتجتنى فانا هنا " نظرت له ممتنة و همست له " شكرا " حاولت جر حقاب سفرها فلم تستطع فنظرت الى الضابط متوسلة فقال لها " اتركيهم مع العسكرى هنا فانتى لا تستطعين جرهم جميعا و عن مغادرتك للبنك سأوقف لك سيارة اجرة " تركت حقابها و نظرت له شاكرة و قالت بحرارة " شكرا لك سيدى الضابط ,كيف لى ان اشكرك؟" ضحك الضابط و اجابها بمرح " بان تنهى معاملتك سريعا و تأخذى حقائبك لانها اغلقت ابواب البنك " ضحكت برقة ثم اسرعت الى بهو العملاء تنتظر دورها و تختلس النظرات الخجلى للضابط الذى ينظر اليها مبتسما اما العسكرى فكان يتابع ما يجرى و هو فاغر الفم لا يعى شيئا و فجأة دوى انفجار رهيب اطاح بطاقم حراسة البنك و واجهة البنك و الكثير من رواد البنك و المارين بالشارع و اصاب الجميع الهلع و الذعر فاخدوا يركضون و هى معهم بعدما تركت حقيبة يدها عند مكاتب الموظفين و بمجرد خروجها من البنك انفجرت الحقيبة مدمرة البنك باكمله و قتل من فيه ,نظرت خلفها متشفية و قدميها ملئ بدماء الجميع -" لا يمكنك ركوب القطار دون تفتيش حقائبك يا سيدتى " هتف عسكرى تأمين محطة القطار اخدت تقول بذعر " كيف هذا؟ لو انتظرت تفتيش حقائبى لن الحق بزوجى ؟ ماذا افعل ؟" رفض العسكرى بحزم , فاخذت تبكى و تتوسل فسمع الضابط بكاؤها و اصرار العسكرى على تنفيذ الاوامر فابتدرهما سألا " ماذا يجرى هنا ؟" ادى العسكرى التحية و قال " لا تريدنى ان افتش حقائبها قبل ركوبها القطار؟" ارتفع نحيبها و هى تقول بصوت متقطع الانفاس "ليس هذا و لكنى اخشى عدم اللحاق بالقطار فزوجى ينتظر وصولى فى هذا القطار و انتم لا تعلمون زوجى و قسوته " رق لها قلب الضابط فقال لها مهدئا " لا داعى للقلق يا سيدتى . متى يتحرك قطارك ؟" اجابت و هى ترفع اليه عينيها الباكيتين بتوسل مدروس و رقة " بعد خمس دقائق " ابتسم لها الضابط و قال "هيا الحقى بقطارك " لم يتمالك العسكرى نفسه فقال " و لكن يا سيدى " زفر الضابط و قال بغضب " و هل تجرؤ على الاعتراض على اوامرى ؟ ان مثلها من الزوجات البائسات يكفيهم ما هم فيه فلا يجب ان نزيد الامهم باجراءات روتينية . هل تشك فيها ؟ هل تشتبه فى وجود قنابل بحقائبها ؟" هز العسكرى رأسه نافيا و هو يتمتم " كلا يا سيدى " رد الضابط بحزم " هيا اذن " ثم نظر اليها فمنحته ابتسامة ممتنة و قالت برقة ساحرة " شكرا لك يا سيدى " و انطلقت تلحق القطار و تضع حقائبها فى المكان المخصص لها , ثم انطلق القطار و عند المحطة التالية نزلت و تركت حقائبها و المحطة باسرها فى خطوات واسعة رشيقة و استقلت سيارة زرقاء ذات ارقام دبلوماسية ما ان انطلقت حتى سمع دوى انفجارات فى القطار و المحطة ذاتها دلفت فتاة عشرينية ممشوقة القوام برشاقة الى مكتب كبير بخطوات انيقة ثم وقفت مؤدية التحية العسكرية للجالس خلفه و الذى بادرها قائلا " لقد تفوقتى على نفسك هذه المرة يا سارة" ابتسمت سارة و لم تجب امام الجالس خلف المكتب فاردف ممتدحا اياها " دائما سارة متفوقة فملامحها الشرقية و لهجتها المصرية الخالصة سر تفوقها " هنا ابتسمت سارة بسخرية و قالت بتهكم " ان سر تفوقى هو شهامة المصريين و صفاء نيتهم اليس كذلك أدون جاكوب " بادلها جاكوب الابتسامة الساخرة فى حين سألها الجالس خلف المكتب " عزيزتى سارة هل تودين العودة الى ارض الوطن ؟" اجابت سارة " كلا يا سعادة السفير فانا لم انهى مهمتى هنا " نظر لها السفير بسرور و قال " اظنك متعبة اليس كذلك ؟" هزت رأسها بارهاق فابتسم لها جاكوب و قال " هيا بنا يا سارة " ابتسمت سارة مودعة السفير و هى تهمس " اجل سيادة الملحق العسكرى " تقدمها جاكوب الى حجرته الخاصة و ما ان اصبحا داخلها حتى اغلق الباب و التفت لها مبتسما و سألها متعجبا " سارة حبيبتى لما لا تريدين العودة الى ارض الوطن ؟" القت سارة بنفسها على المقعد و قالت بارهاق " لانى مميزة هنا جاك " ثم اكملت بدلال " كما انى هنا بجوارك " تنهد جاكوب و قال متسائلا " انا اريدك دائما بجوارى و لكن ماذا تعنين بتميزك هنا ؟" اخذت نفسا عميقا ثم قالت "انت تعلم انى سفرديم و وجدى داخل الوطن ليس كخارجه , كما ان العمل هنا فى مصر هو التميز الحقيقى فلا احد يعمل فى مصر سوى الافضل " ابتسم جاكوب و قال " انك تطمحين للانضمام الى كيدون اليس كذلك ؟ " بادلته سارة الابتسام و هزت رأسها مؤيدة و قالت له " جاك ماذا الان؟" ابتسم و قال " ستقومين لتنامى و انا سأتصل بعزرا ليقوم ببث الفديو الذى تعلن فيه الجماعة الاسلامية التى يديرها بتبنيها للعملية كما سأتصل بيوسى ليجرى اتصاله بالجماعات الاسلامية لتؤيد الحادث و تصدر فتاوى شرعية بوجوبه" ابتسمت سارة ساخرة و هى تقول " اننا لا ندفع هباءا و لكن عليك الاتصال بالعميل اكس ليعلن ان الانفجارات ستتوقف بخروج رجال الجماعات الاسلامية من السجون و عودة الرئيس الشرعى المنتخب الى الحكم " ضحك جاكوب و هو يقول " كالعادة لا تنسين شيئا ابدا " ثم طوقت رقبته بذراعيها و هى تقول بدلال "ان مهمتى الا تقوم لمصر قائمة مرة اخرى " ضحك جاكوب و هو يداعب خصلات شعرها السوداء و هو يقول " لن تقوم لها قائمة و انت تعلمين هذا " دوت ضحكاتهما مجلجلة فى فراغ تلك السفارة فى احدى احياء القاهرة

No comments:

Post a Comment