الجزء الثانى من القصة القصيرة ( الحطاب ) بقلم /سالي محمد مجدى

قصة قصيرة الحطاب الجزء الثاني -------قضت ليلتها باكية منتحبة من شعورها بكره الحطاب لها وأخذت قراراً مصيرياً وفي الصباح طلبت منه أن يأخذها الي الغابة معه ... وتحديدا ً الى الهضبة أمسك يدها وسندها حتى وصلا للمكان بصعوبة وهي تتعثر في كل ورقة شجر في طريقها أو حجر صغير وقفت وقالت له بعد طول صمت: _(سأعود لعالمي ....كفى بنا الى هذا الحد يا حبيبي ... إنه وقت الفراق بدون أذى لي أو لك ..... سأتوسل لأبي أن يعيدني جنية مرة أخرى ... سأتركك لعالمك وأرضك ... فأنت إخترت أن تتحمل ما لا تطيقه..... لم تحسب أمر الزوجة العمياء جيداً .... سأعود أميرة على مملكة الجان وأنت عد لكوخك وسط الإنس ... وفي المرة القادمة إحسب قدرتك قبل إختيارك ... وبرغم معاملتك القاسيه لي الفترة الأخيرة .... سأظل أحبك مهما حييت( فجأة أستيقظ حبه لها من سباته العميق في قلبه وقال لها بإستعطاف وترجي ودموعه تسبقه: _(لا أرجوكِ ... لا تتركيني سأموت إن تركتني ..... أريد أن أكون معك ... أنني أعتذر عن أي فعل قد آذي مشاعرك ... ضحيتي بعينيكِ من أجلي ... ضحيتي بسلطانك من أجل حطاب فقير مثلي ... لا تتركيني أرجوكِ فأنا أحبك ..... لا تتركيني( _(وأنا لا أريد أن أكون معك زوجة عمياء مكروهه منك .... إننا في منتصف الطريق ...... وكلاً منا سيعود لعالمه بأمان( _(خذيني معك الى عالم الجن إذن .... فقد قلتِ لي من قبل أني أستطيع أن أعيش معك هناك) _(هل أنت مدرك لإختيارك هذه المرة؟... إن دخلت عالم الجان لن تخرج منه .... لا مجال للعودة ... إخترت من قبل أن أكون لك زوجة إنسانة عمياء ولم تتحملني ولكن فراقنا الآن سيكون بدون أذي ... فكر أرجوك هذه المرة ليس فيها رجوع أو ندم) _(مدرك ..... إنني أختارك أنتِ ..... تركتِ عالمك من أجلي مرة وسأترك عالمي من أجلك ... لن نفترق سأموت من دونك) أمسكت بيده وهي تنظر في الفراغ بعينيها العمياوتان بنظرة كلها خوف منه وتوجس ..... فأخذها في حضنه ليطمئنها _(أحبك .... أرجوكِ لا تتركيني) _(وأنا أيضاً...... للأسف أحبك) وقفا عند الهضبة التي إنشقت ونزلا الى باطن الأرض سوياً نيران من حوله في كل مكان مخلوقات من نار مخيفة من حوله تتراقص الأرض من تحت قدميه وكأنها تغلي الحوائط ياقوت أحمر ...... قلبه يكاد يقف من شدة خفقانه كيف تكون حبيبتة الجميلة الرقيقة كالنسيم مخلوقة من نار كهؤلاء قابلهم ملك الجن الضخم ذو الشعر الأبيض الكثيف الطويل المتدلي على ظهره وسط حراسه الحمر والسود وقال لها: _(أهلا بك يا إبنتي ... لقد حذرتك من أنك لن تستطيعي أن تكوني من طين وعمياء ... فأنتِ أميرة من نار ... هذه طبيعتك) فنزلت على ركبتيها أمام والدها كنوع من الإحترام ونظرت للأرض وهي تقول: _(أريد أن أعود جنية يا أبي وزوجي الحطاب سيكون هنا معي كإنسان مقيم وسط الجان) نظر إليه بتوجس وقال لها: _(ولكن زواج الإنس من الجن مكروه يابنيتي .... ووجود إنسان بيننا مكروه ..... كنتِ زوجته كإنسانة من لحم ودم ولكن إذا تحولتِ لجنية مرة أخرى لن يخرج هو من هنا أبداً .... وإن هرب من هنا يوماً ستحترقين أنتِ وتموتين فلا تعرضي نفسك للهلاك وليرحل الى عالمه الآن) نظر إليها الحطاب ثم نظر للملك وقال: _(لن أهرب .... أحبها ... وسأظل بجانبها .. إنه إختياري وأنا رجل مسئول عن قراراتي وأتحمل عواقبها) نظر إليه الملك بحذر وتوجس ثم نظر لإبنته وفجأة تحولت لجنية مرة أخرى ولاحظ الحطاب تغير شكلها المفاجئ لاحظ النور الخارج من عينيها تغير شكل جلدها وبريقه لقد كانت من طين وعادت من نار عادت لرونقها وجمالها وشعرها وملابسها الثمينة المرصعة بالألماس كإبنة ملك الجان وليست زوجة عمياء للحطاب الفقير شعر بقبضة في قلبه ... إنه وسط الجان الآن .....إن حبيبته جنية حقاً .... من نار .... سخونة حوله في كل مكان نظرت إليه بعينيها وهي تراه لأول مرة منذ فترة طويلة إبتسمت له بحب...... وإبتسم لها بخوف...... إقتربت من حضنه..... تراجع خطوات..... وشعرت بدقات قلبه تعلو لدى لمسها له..... تراجعت هي خطوات عنه ونظرت إليه بخوف...... فابتلع ريقه ..... عاشا في قصر ملك الجان كل مايحلم به يجده أمامه في لحظة يعيش في قصر يخدمه الجان ولكنه غير سعيد بل خائف..... خائف من لمس زوجته الجنية .... عندما عاشت معه في الكوخ كانت إنسانة أما الآن فهي جنية من نار يخدمه الجان ويعيش في باطن الأرض كأمير له مكانه وينحني له الجان ..... ولكنه أمير خائف مر الوقت وهو يزداد نفوراً منها .... منعزلاً ... لا يختلط بأهلها وعشيرتها من الجن..... .. شحب لونه ..... هزل لأنه يخاف حتى من الأكل المقدم إليه جلس شارداً في النيران التي يراها من شرفة القصر _(ماذا فعلت بنفسي .... أي إختيار هذا الذي إخترته ... ها أنا الآن إنسان مسجون وسط الجان .... أين هذا الحب ... وأنا أخاف من حبيبتي ... يالي من غبي للمرة الثانية) إقتربت منه وهي ترى شروده ووضعت يدها على كتفه فإنتفض وإبتعد عنها فمسحت دمعة هربت من عينيها _(خائف مني؟ أليس كذلك) سكت ولم يجب و أبعد وجهه بعيداً عنها _(أخبرتك أني جنية منذ البداية .... أنت من إختار أن أكون إنسانة عمياء وأنت من إختار أن يرافقني الى عالمي وأنا أميرة على الجان .... لماذا لم تتركني وترحل من البداية ... لم أخفي عنك حقيقتي أو أجبرك على شئ؟) بكت وهو مازال لا ينظر إليها: فقالت بجدية وهي تنظر الى الفراغ من الشرفة _(هيا بنا .... تعال معي) _(الى أين؟) _(الى عالمك ... هيا ... إحساسي بكرهك لي وثقلي عليك يوما ما قتلني واليوم إحساس خوفك مني أصعب بكثير) _(ولكن والدك قال...) _(تعال .... ألا تريد أن ترحل من هنا ....هيا سترحل( أومأ برأسه ومشي معها حتى وصلا الى دهليز طويل دخلوه حتى شعر بنسيم الهواء الأرضي..... رائحة الأعشاب... رائحة النهر ..... رائحة الشجر...... وقفت وهي تبكي وقالت له: _(هيا إرحل فالغابة أمامك .... ولكن لتعلم أني كنت أحبك في كل الأحوال حقاً .... ضحيت من أجلك بكل شئ ..... أحبك وأنا عمياء وأحبك وأنا بنت ملك الجان .... وأنت لم تحببني في كل الأحوال فربما كنت تريد إمتلاكي لا أكثر) وقفت على مدخل الدهليز وهو بجانبها فنظر للأرض وقال لها: _(هل ستكونين بأمان ... إن خرجت للأرض؟( _(سأكون بأمان إن قررت أن ترحل عني الآن وللأبد ... تأخر وقت قرارك بالرحيل كثيراً ..... ولكني سأكون بأمان من جرحك لي على الأقل ... الوداع ( خرج من الدهليز الى الغابة وما أن لمست قدمه أرض الغابة حتى سمع صرخاتها ... إلتفت وراءه فرآها تحترق رأى عينيها وسط النيران تعاتبه .... في مشهد لن ينساه مهما حيا #سالي_محمد_مجدي

No comments:

Post a Comment